رتبة مشرف التربية في التعليم الابتدائي بالجزائر: الواقع، التحديات، والآفاق
شهد قطاع التربية الوطنية في الجزائر خلال السنة الأخيرة استحداث رتبة جديدة في المدارس الابتدائية، وهي رتبة مشرف التربية، والتي جاءت كخطوة لإدماج فئة واسعة من أصحاب عقود ما قبل التشغيل (عقود الإدماج المهني)، بعد سنوات من الانتظار والاحتجاجات.
ورغم أهمية هذه الخطوة في إدماج آلاف الشباب في سوق العمل، إلا أن تطبيقها على أرض الواقع كشف عن عدة تحديات تنظيمية وقانونية ومهنية، خاصة في ظل غياب نص تنظيمي واضح يحدد مهام مشرف التربية في الطور الابتدائي، خلافًا لما هو معمول به في التعليم المتوسط والثانوي.
📌 نشأة الرتبة وظروف التوظيف
تم إدماج الآلاف من أصحاب عقود الإدماج في رتبة مشرف التربية في الطور الابتدائي، بعد أن كانوا ينتظرون التوظيف في مناصب تتماشى مع شهاداتهم الجامعية. وقد اضطر العديد منهم للتنازل عن شهاداتهم الجامعية في تخصصات مثل الأدب، الحقوق، العلوم، وغيرها، من أجل ضمان إدماجهم في الوظيفة العمومية.
في المقابل، وجد الكثير منهم أنفسهم معينين في مؤسسات بعيدة عن محل سكناهم، وفي ظروف تنظيمية غير واضحة، حيث تختلف المهام من مدرسة إلى أخرى، ومن ولاية إلى أخرى، في غياب مرجعية قانونية موحدة.
🧭 ما هو دور مشرف التربية في الابتدائي؟
رغم غياب نص تنظيمي دقيق، إلا أن المهام التي أسندت فعليًا للمشرفين التربويين في العديد من المؤسسات الابتدائية يمكن تلخيصها كما يلي:
✅ مهام تربوية وسلوكية
-
مرافقة التلاميذ في الساحة، ومراقبة سلوكهم خلال أوقات الاستراحة.
-
تنظيم عملية الدخول والخروج من المؤسسة في ظروف آمنة ومنضبطة.
-
مرافقة التلاميذ في المطعم المدرسي، والإشراف على نظافة المحيط.
✅ مهام إدارية
-
استقبال الأولياء وتنظيم الملفات الإدارية للتلاميذ.
-
المساعدة في الأعمال المكتبية والإدارية تحت إشراف مدير المدرسة.
-
ترتيب الوثائق، إعداد بعض التقارير، وتنظيم الأرشيف.
✅ مهام لوجستية وتنظيمية
-
التنسيق مع عمال المؤسسة فيما يخص نظافة الأقسام والساحة.
-
الإبلاغ عن الأعطال أو النقائص التي يلاحظها خلال عمله اليومي.
ورغم هذا التوزيع، فإن المهام تختلف من مؤسسة لأخرى، وقد يُستغل بعض المشرفين في أعمال لا تدخل ضمن اختصاصهم، بسبب نقص الموظفين أو ضغط العمل.
❗ الإشكاليات والتحديات الحالية
-
غياب إطار قانوني رسمي يحدد بدقة المهام، ما يفتح المجال للاجتهادات الشخصية والتجاوزات.
-
التفاوت في توزيع المشرفين بين المدارس، فهناك مؤسسات بها 10 مشرفين وأخرى لا يوجد بها إلا واحد فقط.
-
تداخل المهام مع المدير أو المساعد التربوي أو الأساتذة، مما يخلق توترًا في بعض الأحيان.
-
غياب التكوين المسبق الذي يؤهل المشرف للقيام بمهامه بكفاءة، خاصة في الجوانب النفسية، القانونية، والتربوية.
-
عدم الاعتراف الفعلي بخصوصية هذه الرتبة في المنظومة التربوية إلى غاية الآن.
💡 الحلول المقترحة
-
الإسراع في إصدار القانون الأساسي الجديد لعمال التربية، والذي يُنتظر أن يتضمن تحديدًا دقيقًا لمهام المشرف التربوي في الابتدائي.
-
إطلاق دورات تكوينية منظمة في بداية كل سنة دراسية، لتأهيل المشرفين في الجوانب التربوية والقانونية.
-
تحسين ظروف العمل من خلال توزيع المشرفين بطريقة عادلة بين المؤسسات، وفق عدد التلاميذ والاحتياجات.
-
خلق إطار وظيفي واضح بين المشرف، المدير، والمساعد التربوي، لتفادي تداخل الصلاحيات والصراعات المهنية.
-
مرافقة المشرفين نفسيًا ومهنيًا خلال سنتهم الأولى على الأقل، عبر إشراف مفتشين وإداريين متمرسين.
🔭 الآفاق المستقبلية
مع ترقب صدور القانون الأساسي الجديد، يُنتظر أن تتحسن وضعية المشرف التربوي، سواء من حيث الاعتراف الوظيفي، أو الحقوق المهنية، أو المهام الموكلة إليه. كما يُتوقع أن تصبح هذه الرتبة دعامة حقيقية في المؤسسات الابتدائية، تساعد المدير والأساتذة، وتسهم في تحسين الحياة المدرسية.
لكن نجاح التجربة يبقى مرهونًا بتوفر إرادة تنظيمية وإدارية حقيقية، ترسم حدود العلاقة بين جميع العاملين، وتحترم تخصصاتهم وتكويناتهم، وتضمن تكافؤ الفرص.
✍️ خلاصة
رتبة مشرف التربية في الابتدائي هي خطوة مهمة نحو دعم التسيير اليومي للمدارس، وتخفيف الضغط عن المديرين والأساتذة. لكن نجاح هذه الخطوة يتطلب ضبطًا قانونيًا واضحًا، وتكوينًا نوعيًا حقيقيًا، واعترافًا بوضعية هؤلاء المشرفين كجزء أساسي من الجماعة التربوية.
#مشرف_التربية #التعليم_الابتدائي #قانون_الأساسي #وزارة_التربية #المدرسة_الابتدائية #رتب_التعليم #الإدماج_المهني #الوظيفة_العمومية #مهام_المشرف_التربوي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
يرجى التعليق باحترام