تحدي تدريس الإنجليزية في الجزائر |
لا يخفى على أحد أن الإنجليزية لغة عالمية تتحدث بها الكثير من الشعوب سواء كلغتها الأم أو كلغة ثانية و المتمكن منها لا يجد أدنى صعوبة في التواصل مع أي أحد في أي دولة حول العالم فهي لغة العلم و التقنية لا يخلو أي جهاز أو كتيب تعليمات منها كما أنها تمثل اللغة الأولى في الأنترنت حيث تسعى معظم المواقع الإلكترونية لوضع ترجمة إنجليزية لمحتواها ليصل إلى أكبر عدد من الزوار.
على الرغم من كل ذلك ظلت هذه اللغة بعيدة ومهمشة في الجزائر وتدرس ابتداء من المتوسط فالفرنسية هي المهيمنة على المشهد بحكم التاريخ الاستعماري بل أحيانا كانت اللغة المفضلة على العربية عند كثير من المسؤولين والمفكرين و المثقفين فهي كما يقولون غنيمة حرب. لكن بدأت الأمور تتغير في السنوات القليلة الماضية .
مع التطور التكنولوجي ومع اتساع مستعملي الأنترنت في الجزائر ومع الارتفاع الملحوظ في سرعة تدفق الأنترنت وجد الجزائريون أن استعمال الفرنسية وحدها سيجعلهم في عزلة دولية فهي لا تستعمل إلا في مناطق صغيرة من العالم وأن الانجليزية على النقيض تماما فهي تكتسح كل شيء وكل مكان فأصبح تدريسها في الابتدائي مطلبا شعبيا سرعان ما استجابت له السلطات في البلاد فالمناخ أصبح مواتيا لتدريس الإنجليزية عكس التسعينات حيث فشل المشروع و أطيح بوزير التربية آنذاك.
السلطات الآن ترى أنه حان الوقت للخروج من التبعية الثقافية الفرنسية و التفتح أكثر على العالم باعتماد تدريس الإنجليزية في الابتدائي ابتداء من السنة الثالثة بأمر مباشر من رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون .
تسارع وزارة التربية الآن لتوظيف أساتذة الأنجليزية في الابتدائي فشرعت عبر مديرياتها عبر مختلف الوطن في استدعاء خريجي الجامعات من حملة شهادة الليسانس أو ما يعادلها في الإنجليزية من أجل توظيفهم كأساتذة متعاقدين ريثما تنظم مسابقة للتوظيف قبل نهاية هذا العام . لقد ظل أصحاب هذا الاختصاص على الهامش وبدون عمل لفترة طويلة جدا كون أن التوظيف في التعليم أصبح يقتصر على خريجي المدارس العليا للأساتذة أما الآن ونظرا لعدم توفر اختصاص تدريس الإنجليزية في الابتدائي في المدارس العليا للأساتذة فإن الاستعانة بالجامعيين أصحاب الاختصاص أصبح لا مفر منه.
بدأت مديريات التربية عبر الوطن في استقبال ملفات هؤلاء لفرزها وترتيبها حسب الأقدمية والمعدل العام ومن ثم الشروع في منح التعيينات حسب المناصب المتاحة كون أن تدريس الإنجليزية سيقتصر على السنة الثالثة فقط حسبما هو متداول ولهذا ولتكملة النصاب قد يعمل الأستاذ الواحد في عدة مدارس ليكمل النصاب القانوني لساعات العمل .
لا شك أن تدريس الإنجليزية في الابتدائي قرار شجاع اتخذ في وقت مناسب لكن سيخلق بعض المشكلات إذا لم تعالج ولعل أبرزها هو كثرة المواد التي تدرس في الابتدائي حتى قبل اعتماد تدريس الإنجليزية كانت هناك اصوات تنادي بحذف بعض المواد غير الأساسية مثل التربية المدنية و التربية العلمية لتخفيف وزن المحفظة وتخفيف الضغط على التلميذ في هذه المرحلة الحساسة ولا يخفى على أحد أن السنة الثالثة ابتدائي هي كذلك السنة التي يبدأ فيها تدريس الفرنسية فهل تدريس لغتين أجنبيتين في مرحلة مبكرة أمر حكيم؟ ألا يخلق ذلك صعوبات في التعلم لدى المتعلم ؟ وهل يستطيع تلميذ في السنة الثالثة ابتدائي استيعاب ثلاث لغات بالإضافة إلى المواد الأخرى ؟
فنحن مع رأي بعض الفاعلين التربويين الذي ينادون بحذف بعض المواد غير الاساسية أو تأخير تدريس الفرنسية ابتداء من السنة الرابعة ولم لا ابتداء من السنة الخامسة إذا أردنا فعلا أن ينجح مشروع تدريس الإنجليزية .
على كل حال فإن الأيام القادمة ستحدد مدى نجاعة تدريس الإنجليزية و الأكيد سوف تكون هناك مزيدا من القرارات لضبط العملية بشكل جيد.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
يرجى التعليق باحترام